יום רביעי, 20 במרץ 2013


مختصر سوريا في فترة ما بين الحربين العالميتين للبجروت
د.اشرف ابو زرقة

ظروف فرض الانتداب الفرنسي على سوريا

قام مؤتمر سان ريمو الذي عقد في عام  1920 على تأكيد المصالح التجارية والسياسية لفرنسا في سوريا ولبنان التي كانت منذ القدم .في الواقع جاء المؤتمر ليؤكد ما اتفق عليه في اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت البلاد العربية بين فرنسا وبريطانيا , والتي اعطيت فيها سوريا لفرنسا .لقد كان من الطبيعي انه لم يقبل العرب بهذه الاتفاقيات والمؤتمرات التي حرمتهم من حريتهم. كانوا قد اكدوا هذا عند اجتماعهم مع ممثلين من لجنة كينغ كراين الاميركية  التي كان هدفها اخذ رأي سكان سوريا بخصوص شكل النظام السياسي الذين يريدونه .لقد اكد العرب للجنة انهم يريدون استقلال سوريا وانهم لا يريدون العيش تحت نظام اجنبي وخصوصا الانتداب  الفرنسي .ورأى بعض العرب ان اخف الضرر هو قبول الانتداب الاميركي او الانتداب البريطاني .في هذه الظروف, ظن الامير فيصل بن الحسين بان سوريا ستعطى له بسبب وعود بريطانيا في مراسلات مكماهون –حسين ولهذا كان يعتبر نفسه ملكا لسوريا واتخذ دمشق مقرا له .
قامت فرنسا بتجاهل رأي العرب وتنفيذ ما جاء في مؤتمر سان ريمو لهذا قامت بارسال جيشها الى لبنان ليفرض الانتداب الفرنسي بالقوة .ارسلت فرنسا ضابطها الشهير الجنرال هنري غورو (1867-1946) ليقوم بانزال الجيش  الفرنسي في بيروت وتقديم انذار شديد اللهجة للملك فيصل في سوريا بضرورة تسليم البلاد لفرنسا .لم ينتظر الجنرال غورو وصول الرد السوري وقام بالتقدم نحو دمشق لاخضاعها .في هذه الاثناء , اتخذ غالبية السوريين قرار المقاومة بقيادة القائد السوري يوسف العظمة. تلاقت القوات السورية مع القوات الفرنسية في ميسلون وهي منطقة في الجبال بالقرب من دمشق في عام 1920.انتصر الفرنسيون على قوات يوسف العظمة بفضل اسلحتهم الحديثة وتدريبهم العسكري الجيد وذلك بالرغم من الشجاعة التي اظهرتها القوات العربية وقد فضل يوسف العظمة الموت شهيدا في هذه المعركة البطولية .

سياسة الانتداب الفرنسي

اهم سياسة اتخذها الفرنسيون في سوريا هي سياسة "فرق تسد" او سياسة التجزئة. فقد قامت السلطة الفرنسية بتقسيم سوريا الى عدة مناطق ودويلات ليسهل عليها حكمها . فقامت بتاسيس  دويلة للدروز في جبل الدروز ودويلة اخرى للعلويين في جبل العلويين ودويلة للمسيحيين في لبنان وقامت بوضع اقليم الاسكندرون تحت حكم ذاتي ومن ثم تم تسليمه الى تركيا .وتم انشاء دويلة سوريا في المناطق الاخرى وعاصمتها دمشق .قامت السلطات الفرنسية باثارة النعرات الطائفية والدينية بين سكان البلد الواحد . كما انها قامت باستخدام القوة والعنف من اجل اخماد الثورات .كما قامت بعدم الاهتمام بالعادات العربية والتراث العربي والاسلامي وقامت بنشر الثقافة الفرنسية وجعل اللغة الفرنسية لغة اجبارية في كل المدارس . كما قامت باستغلال ثروات سوريا الاقتصادية لصالح الاقتصاد الفرنسي.واجبرت الكثير من السوريين على دفع الغرامات المالية للسلطة الفرنسية بحجج واهية .

الحركة الوطنية السورية حتى عام 1936

لم يقبل العرب هذه السياسة الظالمة وقاموا بمقاومتها . يأتي هذا من خلال العديد من المظاهرات والثورات والاجتماعات السياسية التي حاربت هذه السياسة .اهم مظهر لهذا الرفض والمقاومة , كان في جبل الدروز . في هذا الجبل انطلقت الثورة السورية الكبرى في عام 1925 بقيادة سلطان باشا الاطرش. قامت هذه الثورة بسبب سياسة التجزئة والتفريق الطائفي والديني  وعدم مراعاة العادات العربية ونشر الثقافة الغربية الفرنسية بين السوريين واستغلال الاقتصاد السوري.اما السبب المباشر للثورة فكان اهانة الوفود وزعماء الدروز من قبل الحاكم الفرنسي. انطلقت الثورة في جبل الدروز حيث استطاع الثوار القضاء على الحامية الفرنسية في المنطقة وانتصروا على الفرنسيين في معارك الكفر والمزرعة في عام 1925. ومن ثم امتدت الثورة لتشمل دمشق وحماة ومدن اخرى .لم تستطع السلطة الفرنسية اخماد هذه الثورة الا في عام 1927 عندما استخدمت المدفعية وقصف الاحياء السكنية .
من اجل تخفيف ضغط الحركة الوطنية السورية, قامت فرنسا بالاعلان عن قيام نظام جمهوري في سوريا في عام 1928 واجراء انتخابات .فازت الكتلة الوطنية بقيادة ابراهيم هنانو وتم العمل على تأليف دستور للبلاد الذي اكد بان سوريا وحدة سياسية عربية واحدة ونظامها ديمقراطي برلماني .دينها الاسلام وعاصمتها دمشق ..في الواقع , بقي هذا الدستور حبرا على ورق لان فرنسا اعطت للحاكم الفرنسي صلاحيات واسعة لأبطاله وبقيت سوريا عمليا تحت السيطرة الكاملة للسلطة الفرنسية .من هنا لم يكن هذه الانتخابات وهذا الدستور الا لخداع السوريين والتخفيف من حدة الثورات السياسية في البلاد .

المعاهدة الفرنسية لعام 1936

ظروف ابرام المعاهدة

في عام 1935 توفي قائد الحركة الوطنية في سوريا ابراهيم هنانو .استغل الوطنيون هذا الحدث من اجل اثارة المشاعر الوطنية ضد الحكم الفرنسي .فاجريت المظاهرات والاجتماعات السياسية وتم اعلان الاضراب العام . في هذه الظروف وعلى خلفية مشاكل فرنسا في اوروبا وخاصة مع المانيا , قامت فرنسا بالتفاوض مع قائد الحركة الوطنية الجديد هاشم الاتاسي من اجل الوصول الى اتفاق سياسي.

اهم بنود الاتفاقية

في عام 1936 تم توقيع الاتفاقية السورية الفرنسية التي جاء فيها اعتراف فرنسا باستقلال سوريا شريطة التحالف العسكري والسياسي بين البلدين .اقامة قواعد عسكرية لفرنسا في سوريا .مساعدة فرنسا لسوريا في قبولها كعضو في المنظمة الدولية "عصبة الامم".كانت مدة الاتفاقية عشرون عاما .وتقرر بانه يتم عرض هذه الاتفاقية على البرلمان الفرنسي بعد ثلاث سنوات من اجل المصادقة عليها .بالواقع كانت هذه خدعة فرنسية ولم يكن غرض فرنسا الا المماطلة وتسكين غضب الشعب السوري .بالاضافة الى وجود القواعد الفرنسية في سوريا والتحالف بين الدولتين , لم يصادق البرلمان الفرنسي في عام 1939 حتى على هذه الاتفاقية التي بثت امال كبيرة عند السوريين بالرغم من التقييدات التي كانت بها .

אין תגובות:

הוסף רשומת תגובה