יום ראשון, 21 באוקטובר 2012


النظام القضائي في الاسلام
بقلم  د.اشرف ابو زرقة


يعتبر القضاء في الاسلام من اهم المؤسسات الاجتماعية في الدولة الاسلامية وذلك لانه يقوم بتنظيم العلاقات بين الناس .يساهم النظام القضائي بحفظ الامن في المجتمع من خلال تشريع القوانين واقرار العقوبات التي تردع الناس من خرق القانون . كما انه يساهم في اقرار العدالة الاجتماعية ويساهم في ازدياد المحبة والتكتل بين ابناء المجتمع المتعدد من ناحية دينية(بالاضافة الى المسلمين , حوى المجتمع في داخله,  المجوس , النصارى,اليهود  ), قومية(مثل العرب والاتراك والاكراد والفرس والهنود ) , وثقافية حيث كان المجتمع متعدد الثقافات( مثل الثقافة الفارسية , الثقافة العربية , الثقافة الهندية والثقافة اليونانية).
الشريعة الاسلامية
النظام القضائي يعتمد بالاساس على الشريعة الاسلامية , التي هي مجمل القوانين التي تنظم الدولة والمجتمع والتي تتطرق ايضا الى علاقة الانسان مع ربه من خلال اقامة الفرائض الدينية . فالشريعة اذا هي قوانين شاملة تنظم علاقة الانسان مع المجتمع والدولة وتنظم كذالك علاقته مع الله من خلال العبادة والطقوس الدينية .
عماد النظام القضائي في الاسلام هو القاضي الذي يقضي بين الناس وفق الشريعة الاسلامية السمحاء والعادلة . ولكي يستطيع ان يحكم بين الناس , يجب عليه بان يكون ملما وعالما بمصادر هذه الشريعة التي هي عبارة عن المصادر التي يعتمد عليها القاضي بالحكم .
مصادر الشريعة
هناك اربعة مصادر اساسية للشريعة وهي :
1.القران الكريم , الذي هو كلام الله المنزل على سيدنا محمد بواسطة الملاك جبريل . يقوم الفقيه (مفسر القوانين) بالبحث عن القوانين التي تتعلق بتنظيم العلاقات الاجتماعية بين الناس (خاصة في السور المدنية ), مثل تحريم القتل وعقوبة القتل , تحريم الربا , تحريم السرقة وعقوبتها , وكتابة هذه القوانين في كتاب (يسمى عادة احكام القران) وذالك من اجل ان يعتمد عليها القاضي في حكمه .
2. الحديث الشريف وهو ما صدر عن الرسول من قول(مجمل اقوال الرسول الموجودة عادة في كتب الحديث) او فعل(اعمال الرسول مثل طريقة الوضوء والصلاة واقامة مناسك الحج) او صفة(صفات الرسول الاخلاقية وصفاته الجسدية مثل لون بشرته وشعره وطوله) او اقرار(ان يسكت الرسول عن شيئ ولا يعترض عليه دلالة على الرضا ) . يعتمد القاضي في حكمه خاصة على الاحاديث الصحيحة(صحيح مسلم وصحيح البخاري) ويمنع من استخدام الاحاديث الموضوعة(المزيفة) التي وضعت لاغراض سياسية او اقتصادية او اجتماعية .ويتجنب الاعتماد على الاحاديث الضعيفة المختلف على صحتها .ومع الاهتمام بكتب الحديث الصحيحة , قام العديد من الفقهاء والعلماء بتأليف شروح لهذه الكتب وخاصة لكتب صحيح مسلم وصحيح البخاري مثل شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني وشرح صحيح مسلم للقاضي عياض وغيرها من الشروح التي سهلت عمل القاضي واستفاد منها العديد من المسلمين.
3.القياس وهو ان يصدر القاضي حكمه في قضية جديدة وفق المقارنة والقياس مع قانون اسلامي قديم . مثلا تم تحريم المخدرات لانه تم مقارنتها وقياسها مع تحريم الخمر الذي يذهب العقل ويضر بالجسد .ومن هذا المنطلق يحرم الكثير من العلماء الدخان بسبب ضرره على صحة الانسان.
4. الاجماع وهو اتفاق الصحابة وعلماء المسلمين في عصر من العصور على تحليل او تحريم شيء او اقرار شيء , مثل اتفاقهم على ان الصلوات خمس او اقرارهم ان الحج واجب على المرأة او وجوب ستر العورة في الصلاة .
القاضي والمذاهب الفقهية
من اجل ان يفهم القاضي القوانين الاسلامية , يتوجب عليه ان يفهم ايضا المذاهب الفقهية التي نشأت اصلا لتفسير القوانين الاسلامية ومعرفة مصادرها . اهم هذه المذاهب اربعة :
1.    المذهب الحنفي : من اكبر المذاهب الفقهية . مؤسسه ابو حنيفة النعمان الفارسي الذي عاش وتوفي في العراق (توفي سنة 767) .عمل بالتجارة وكانت له علاقة مع الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور.رفض قبول منصب القاضي لخوفه من الوقوع بالفساد .ولم يغير رأيه وذلك بالرغم من ضربه بالسياط.اتهم بانه كان يتعاطف مع الثوار العلويين الذين طالبوا بحق عائلة علي بن ابي طالب بالخلافة . اما بالنسبه لمذهبه الفقهي فهو يعتبر امام اهل الرأي الذي اعتمد على الرأي وعلى قول الصحابي وويعتبر الحديث النبوي المصدر الثاني بعد القران الا انه تشدد في قبوله  لخوفه من تزويره وتزييفه   .ينتشر خاصة في الدول الاسلامية الغير عربية مثل تركيا , افغانستان ,مسلمي الهند,  البانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو , دول اسيا الوسطى مثل كازخستان , طاجكستان ,وتركستان الغربية وتركستان الشرقية (ولاية سينغيانغ الصينية ) ومسلمي الصين  .
2.    المذهب المالكي : مؤسسه الامام مالك بن انس (توفي 795) الذي عاش وتوفي بالمدينة المنورة .اصل عائلته من اليمن وينتمي الى قبيلة حمير اليمنية الشهيرة التي كان لها السلطة والنفوذ في اليمن .تنقل بين بلدان الحجاز حتى استقر في المدينة . يعتبر من اوائل المسلمين الذيين بدأوا بتصنيف كتب جامعة للقوانين الاسلامية , يطلق عليها عادة باسم المدونة .يعتمد  على القران اولا ومن ثم الحديث النبوي الا انه اشتهر باخذ الكثير من الاحكام والقوانين الاسلامية من اهل المدينة المنورة , مدينة الرسول .هذه القوانين عرفت بعمل اهل المدينة حيث تم تقليد قانون وعمل اهل المدينة في النواحي الاجتماعية والاقتصادية المختلفة لسبب كونها مدينة الرسول .كما انه يرى ان القاضي يجب ان يعتمد ايضا على مصلحة معظم المسلمين .ينتشر خاصة في دول شمال افريقيا مثل تونس الجزائر والمغرب .
3.    المذهب الشافعي : مؤسسة محمد بن ادريس الشافعي (توفي 820) الذي ولد بغزة وتوفي بمصر .يرتبط بصلة قرابة مع الرسول محمد (ص) .تنقل في حواضر المدن الاسلامية مثل بغداد والمدينة وصنعاء .اتهم بالاتصال مع الثوار العلويين ضد الحكم العباسي . استدعي على يد السلطات العباسي مرارا لاستجوابه وبسبب هذه الاتهامات فضل ان يعيش في مصر بعيدا عن مركز الحكم العباسي .من اهم مميزات مذهبه بانه لا يحب ان يستخدم الرأي ولا الاستحسان (موافقة الامة الاسلامية على اقرار شيء حسن) او ان يستعمل القياس .لهذا يحرص دائما على الاعتماد على الحديث الصحيح بعد القران الكريم .ينتشر مذهبه في مصر وسوريا وفلسطين ويعتبر اكثر المذاهب انتشارا في اكبر دولة اسلامية وهي اندونيسيا .
4.    المذهب الحنبلي : مؤسسه احمد بن حنبل (توفي سنة 855) . ولد وتوفي بالعراق .كان زاهدا وعرف عنه الورع الشديد .اصله من مدينة البصرة وانتمى الى قبيلة شيبان العربية .عارض  فكرة خلق القران التي امر بالايمان بها الخليفة العباسي المأمون واصر ان القران هو كلام الله وانه غير مخلوق كما يدعى انصار الخليفة والمعتزلة وذلك بالرغم من جلده وتعذيبه الشديد. عرف عنه بانه امام اهل الحديث ( عكس اهل الراي) وانه حاول ان يعتمد على الحديث في كل شيء في الحياة (حتى انه امتنع عن اكل البطيخ بسبب انه لم يعرف كيف كان رسول الله يأكله) .مذهبه ضيق الانتشار بسبب تشدده وهو موجود خاصة في شبه الجزيرة العربية وقاموا بتبني افكاره واحياءه في حلة جديد بنو سعود والوهابيون .
تطور القضاء في بداية الاسلام
في بداية الاسلام , كان الرسول محمد (ص) هو القاضي الذي يقضي بين الناس وفق العدل . بعد وفاته , قام عمر بن الخطاب بتعيين القضاة بكل مدينة اسلامية (البصرة , الكوفة , الفسطاط (القاهرة),مكة  ) .
تطور القضاء في العصر الاموي
في بداية العصر الاموي , كان حاكم الولاية هو الذي يقوم بتعيين القضاة بسبب انشغال الخليفة بالحروب والجهاد والعديد من الامور .
بعد استقرار الدولة الاموية وهدوء الحالة السياسية , اعاد الخليفة الوضع السابق وقام هو بتعيين القضاة من دمشق . ابتعد القضاة في هذه الفترة عن السياسة وحكموا وفق القران والحديث .
من اهم التطورات في هذه الفترة , كان ظهور وظيفة الجلواز لتوفير الامن داخل مجلس القاضي(المحكمة) .كما انه تم تسجيل كل ما يدور بالمحكمة من خلال كاتب الديوان وحفظه في سجلات ودفاتر خاصة . وتم فحص الوثائق والمستندات من خلال شهود معتمدين وصادقين . وكان صاحب المسائل هو الذي يقوم بفحص صدق الشهود .
تطور القضاء في العهد العباسي
1.في هذا العصر حرص القاضي بان يعرف المذاهب الفقهية الاربعة من اجل ان يحكم بين الناس وفقها .فاذا كان غير خبير بمذهب معين , حرص ان ينوب عنه قاضي اخر متخصص بالمذهب الذي يتبعه المتحاكمين .
2.في بداية العصر العباسي كان القاضي بعيد عن السياسة والفساد الا انه في بعض الاحيان شاع الفساد بين القضاة وخاف العديد من العلماء ان يكونوا قضاة , بسبب الفساد والرشوة وتدخل الدولة بعمل القاضي .
3.تم تعيين قاضي القضاة لمراقبة عمل القضاة والاشراف عليهم وكان القاضي ابو يوسف(توفي سنة 798)  اول قاضي للقضاة في الاسلام .
4. اصبح القاضي ينظر بالعديد من المسائل والقضايا العامة , مثل الاوقاف (مثل ان يتبرع الشخص بارض , او بقوم ببناء مدرسة لمصلحة الناس ابتغاء وجه الله ) , الشرطة والحسبة , وديوان الخراج وتزويج اليتامى من النساء التي لا يوجد لهن من يزوجهن(اولياء).
شروط القاضي العادي في الاسلام
1.    الذكورة بسبب الايمان الذي كان سائد في القدم  بان فض الخصام والنزاع بين الناس يستلزم وجود صفات الرجولة من قوة جسدية ويستلزم المخالطة والخروج والسفر بدون تقييد واحيانا بصورة فورية وهذا الامر لم يتوفر للمراة .مع العلم بانه وافق القليل من الفقهاء بان تكون المراة قاضية. 
2.    الاسلام: لانه يتم الحكم وفق الشريعة الاسلامية التي لا بد الايمان فيها كشريعة من عند الله وبتفسير من الرسول .لهذا لم يتم الفصل في الاسلام بين عقيدة ودين القاضي وبين عمله .فمن اجل ان يكون  شخصا قاضي للمسلمين  لا بد ان يكون مسلما مؤمنا بهذا الدين .
3.    العلم والعقل: لا بد للقاضي بان يكون ملما بقوانين الشريعة ويعرف استخراج القوانين الجديدة والنوازل من خلال علمه باصول الفقه .كما يجب عليه ان يكون ملما بالحساب وباللغة العربية وكل ما يحتاج اليه القاضي في عمله من اجل الحكم بين الناس .
4.    البلوغ(فوق 13 سنة او 18).بالرغم من انه يستطيع القاضي بان يتقلد منصب القضاء في هذا الجيل الا انه اعطيت الاسبقية للكبار في السن وممن يملكون الخبرة والتجربة والتبحر بالعلوم المختلفة .
5.    الحرية (ان لا يكون عبدا): لان العبد مقيد بحركته وهو مملوك لارادة مالكه فلا يستطيع ان يحكم بين الناس بسبب فقدانه لاهم شيء وهو الحرية .
اسئلة بجروت عن القضاء

أ. تتبع تطور مؤسسة القضاء في الدولة الإسلامية منذ عهد الرسول وحتى نهاية العهد العباسي الأول.
ب.أذكر الشروط التي وجب توفرها في القاضي ثم بين مكانته الاجتماعية وأنواع القضايا التي كان يبت فيها بشكل عام.
ج.أشرح أثنين من مميزات القضاء حتى نهاية الدولة الأموية .
    د.بين المصادر التي أستند أليها القاضي في إصدار أحكامه.
    ﻫ.أذكر المذاهب السنية الفقهية ومؤسس كل منها.
    و. أشرح ماهية(جوهر) الاختلاف بين هذه المذاهب حول مسألة استنادها على الحديث.

אין תגובות:

הוסף רשומת תגובה